الحج : ومعانيه السامية !

الحج : ومعانيه السامية للإنسانية !
____________________________

أيها الأعزاء الأفاضل :

الحج ركن من أركان الإسلام ، هو آخر ما فرض من الشعائر والعبادات 00 التي رسم الله حدودها ومعالمها ، هو رحلة فريدة في عالم الأسفار والرحلات 00 ينتقل المسلم فيها ببدنه وقلبه إلى البلد الأمين ، الذي أقسم الله به في القرآن الكريم ، للوقوف بعرفات والطواف ببيت الله الحرام 00 الذي جعله الله رمزاً لتوحيده ، ووحدة المؤمنين به ، ففرض على المسلم أن يستقبله كل يوم في صلواته

( وَحَيْثُما كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ )

ثم فرض عليه أن يتوجه إليه بشخصه ويطوف به بنفسه في العمر مرة واحدة 00 ليكون من عداد وفد الرحمن الذي يباهي بهم الحق ملائكته 00 وهم في أرقى مقام العبودية ، وقد تجردوا من زخارف الدنيا الزائلة ، إلا من إزار ورداء ، قد تساوى فيه الجميع 00 يقول تعالى - في الحديث القدسي : ( عبادي جاؤوني شعثاً غبراً من كل فج عميق ، يرجون رحمتي أشهدكم يا ملائكتي أني قد غفرت لهم ) 0



أجل : ففي هذه الأيام المشهودة المباركة ، يسعى الأخيار المحظوظين من عباد الله ، من أجل الوصول إلى تلك الديار المقدسة ، لأداء فريضة الحج ، وليكونوا هناك في جوار البيت العتيق 00 الذي يتعلم الإنسان وهو في جواره ورحابه ، دروس الخلود ، ويتلقى آيات البقاء 00 ففي تلك البقاع انبعثت حياة الإنسان 00 ونشأ صفوة الخلق وحبيب الحق ، النبي الأمي محمد - صلى الله عليه وسلم - الذي علم الناس كيف تصفو القلوب ، وتتلاقى على أسمى المبادىء ، وأشرف الغاياتات 0

ولم يكن الذي انبثق نوره في تلك البقاع إلا معلماً ، يشرح للناس معاني التهذيب وآداب الجماعة 00 وكانت آدابه كلها حارساً على قلب الإنسان 00 وكان الإسلام علاجاً إصلاحياً ، دفع الدنيا إلى الأمام ، فنقلها إلى عالم الأخلاق ، ثم ارتقى بها إلى الخير العام ، وانتشلها من السفساف والأوهام 0

هذا ولقد كان عجيباً أن إقليماً من الأرض ، لا يعرف طريق المدنية والحضارة ، يحمل للعالم بأسره لواء الفضيلة ، وينشر مبادىء الثقافة ، وقواعد العلم والعرفان ! ويكتب له النصر العزيز والفوز المبين 0

أيها الأعزاء :

المسلم الذي اختاره الله ، أن يكون من عداد وفد الرحمن لحج بيت الله الحرام ، عندما يقف بأودية مكة وفجاجها وشِعابها 00 سيمر بفكره ويرتسم أمام ناظره - لامحالة - ذلك الجهاد القاسي المرير الذي احتمله خاتم الأنبياء والمرسلين - صلوات ربي وسلاماته عليه - حتى نشر دعوة الله في الآفاق 00 عندها تستلهم نفسه أنفع دروسه ، وتقرأ أنصع سطوره 00 وما من أحد إلا ويعلم أن النبي الكريم لبث في مكة ثلاث عشرة سنة ، لا يبغيه قومه إلا شرا ، ولايريدون به إلا نكرا 00 ومع هذا فهو دائب يطلب ولا يجد ، ويعرض ثم لا يقبل منه ! فلا يعتريه يأس ، ولا يدركه ملل 0

وهذه هي معاني التربية والصبر على الكفاح ، التي أظهرها الله في نبيه ، فعمل بها وثبت عليها 00 وتحلّى بآدابها ودعا إليها 00 ولعمري إنها العوامل الأخلاقية التي تجعل من صفات المسلم الثبات على الحق وإن أبطأ ، والبعد عن الأثرة وإن تهافتت عليها النفوس 00 وبقاء الرجل رجلاً وإن خذله جميع من حوله 00 فإذا اتجهت بثاقب فكرك إلى العاقبة ، أيقنت أنها للعاملين الصابرين 0

أيها الأعزاء :

في الحج تتجلى معاني الوحدة - الإسلامية - التي هي مطلب كل مؤمن 00 وحدة في المشاعر ، ووحدة في الشعائر ، ووحدة في الهدف ، ووحدة في العمل ، ووحدة في القول 00 لا إقليمية ولا عنصرية ، ولا عصبية مناطقية ولا طبقية 00 إنما هم جميعاً مسلمون ، برب واحد يؤمنون ، وببيت واحد يطوفون ، وإلى الله يتجهون ، ولكتاب واحدٍ يقرؤون ، ولرسول واحد يتبعون ، ولأعمال واحدة يؤدون 00 فأيّ وحدة أعمق من هذه جذوراً ، وأبعد غوراً ؟!

كما أن الحج طريقة فذة لتدريب المسلم على السلام ، وإشرابه روح السلام 00 فهو رحلة سلام إلى أرض سلام في زمن سلام 00 أرض الحج هي البلد الحرام والبيت الحرام 00 الذي جعله الله مثابة للناس وأمناً ( وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِناً ) 00 إنها بحق منطقة أمان ! شمل الطير في الجو ، والصيد في البر ، والنبات في الأرض !! فهذه المنطقة لا يصاد صيدها ، ولا يروع طيرها ولا حيوانها ، ولا يقطع شجرها ولا حشائشها 0

فهل رأت الدنيا - أخوتي في الإسلام - تطبيقاً عملياً للسلام ، وتدريباً عليه كهذا الذي صنعه الإسلام في رحلة الحج ؟! رحلة السلام إلى أرض السلام في زمن السلام 0

اسمع معي أخا الإسلام ، ولتسمع الدنيا ، ما أعد الله لحجاج بيت الله الحرام من المنح الربانية ، والعطايا الإلهية 00 عن أنس بن مالك - رضى الله عنه - قال : وقف النبي - صلى الله عليه وسلم - بعرفات ، وقد كادت الشمس أن تؤوب 00 فقال : ( يا بلال أنصت لي الناس ، فقام بلال فقال : أنصتوا لرسول الله ، فأنصت الناس ، فقال :

( معشر الناس : أتاني جبرائيل عليه السلام آنفاً ، فأقرأني من ربي السلام ، وقال : إن الله عزّ وجل غفر لأهل عرفات وأهل المشعر الحرام وضمن عنهم التبعات 00 فقام عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - فقال يارسول الله هذا لنا خاصة ؟ قال : هذا لكم ولمن أتى من بعدكم إلى يوم القيامة ) 0

أيها الأعزاء :

مَنْ وفق منكم لأداء الحج ، نحمله أمانة الدعاء لنا 00 ومعذرة لقد أطلت

ودمتم جميعاً بخير ، وحجاً مبروراً ، وسعياً مشكوراً ، وذنباً مغفوراً

وكل عام والجميع بخير وعافية

الموضوع الأصلي: الحج : ومعانيه السامية ! || الكاتب: جسار || المصدر:

https://www.dm3twlh.com/vb/

المصدر: منتدى دمعـــة ولـــه - من قسم: منتدى المواضيع الاسلامية -Islamic Section

---

hgp[ : ,luhkdi hgshldm

منتدى دمعـــة ولـــه - منتدى المواضيع الاسلامية -Islamic Section

---

hgp[ : ,luhkdi hgshldm !