فقدت الاحساس بالألوان..بالأصوات..بالملمس..فلم اعد أعبأ بعبق الزهور، ولا شدو الطيور، وصوت واحد يقتلني في كل حين وهو حداء رجل بدوي في الصحراء، يأتيني من عمق الزمن حتى عتبة بابي..داخل زنزانتي،
فقدت الاحساس بالألوان..بالأصوات..بالملمس..فلم اعد أعبأ بعبق الزهور، ولا شدو الطيور، وصوت واحد يقتلني في كل حين وهو حداء رجل بدوي في الصحراء، يأتيني من عمق الزمن حتى عتبة بابي..داخل زنزانتي، وحين يطرق مسامعي تصبح لدي الرغبة القوية في الجري نحوه للحاق به والسير خلفه...ولكن كل الطرق مغلقة، فالباب له قفل ضاع مني منذ سنين، والجدران طويلة لا أقوى تسلقها، والنوافذ موصدة لا أستطيع فتحها..والصوت يخنقني حينا، وحين يعلو...ويعلو...يبدو لي المشهد واضح، وكأني أراه رجلا متجه نحو المجهول..نحو السراب، وخلفه ناقة تتبعه، يخترقون عباب رمال الصحراء الصفراء وخلفهم شمس حزينة ...تائهة..باهتة..حارقة...
ومازال الرجل يسير منذ ألاف السنين، وعلى هذا الحال..وانا أتمنى لو أخترق جداريات الوقت والمكان لأسير خلفه وأكون معه في نفس الصورة ....ولو للحظات.