التميز خلال 24 ساعة | |||
![]() ![]() |
![]() ![]() |
![]() ![]() |
![]() ![]() |
قريبا![]() |
بقلم : ![]() |
قريبا![]() |
قريبا![]() |
|
القصص والروايات - Stories and Novels Section يهتم بكتابة القصص والمقالات والروايات سواء منقولة أو مكتوبة |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
![]() |
#1 |
![]() ![]() |
![]() الجزء الثاني السلام عليكم ورحمة الله وبركاته - ألم يقع اختياركِ على أحدهم؟ - كلا , إنهم موظفون شبان في مستوى مادي لا يختلف عن مستواي, وقبول يد أحدهم يعني التخلي عن إخواتي, ودعنا من تكاليف الزواج ومشاكلها! فقال الكهل باصرار:عسى أن يجيء عريس غني يقوم بكافة التكاليف ويسمح بالنزول عن مرتبك لإخواتك! - هذا حلم وليس عريساً! - الأحلام توجد كما توجد الحقائق. - أرفض أن أقيم ميزان حياتي على الأحلام, إني أعيش في جفاف قاتل وبلا أمل , ونفسي تتحرق إلى الحياة والسعادة, وفي كلمة أود من أعماقي أن ارقص وأغني وأمرح. رجع الكهل إلى حيرته وصمته فقالت بوضوح: - هذه هي مشكلتي الحقيقة! ولما وجدته مصراً على الصمت عادت تقول: - يسعدني أني وجدت اخيراً الشجاعة لمصارحتك بها! فجعل يغمغم بكلمات مبهمة فقالت باسمة: - وطبيعي أن أنتظر منك شيئاً غير الصمت؟ فجمع عزمه وقال: إني بطبعي وتاريخي أرفض التسليم بوجود طرق مسدودة! - ولكن طريقي مسدودة. - ماتزال. - أرجو أن تعتبره كذلك إكراماً لي, أنا لم ألجأ اليك إلا مطاردة بسياط الجزع, وبعد كفر بالأحلام والخوارق! فقال بوضوح : لا أرى عندي دون مراعاة كاملة للكرامة! - الكرامة؟ - أعني السلوك الخليق بفتاة محترمة. فقالت بتحد : لقد جئتك وأنا على علم غزير بالنصائح التقليدية! - طيب, هل تتوقعين لدي رأياً آخر ؟ - نعم! - أن اسوغ لك السقوط؟ - نعم ! فتساءل الكهل بذهول : - ألم تجيئيني مدفوعة بما ذكرت عن تاريخي وحسن سمعتي ؟ - بلى! – وتصورت بعد ذلك أن ابارك سقوطك؟ - نعم ! فضحك الكهل على رغمه وقال: الحق اني لا افهمك . - ولكنني واضحة كضوء الشمس ! - الرقص والغناء والمرح ؟ - نعم ! خبرني عما تتوقعين مني ؟ - ان تصرح لي بأن النهل من متعة الحياة ليس سقوطاً ! - ولكنه ينقلب كذلك اردنا أم لم نرد ! - وإذن فما علي إلا ان اصبر حتى أذوي واذبل واموت ؟ - بل حتى تفرج . - كلام لن يكلفك شيئاً ولكنه سيكلفني حياتي . فقال متحايلاً للهروب من حدة الموقف : - حدثيني عن رأي صديقتك الأخرى , أعني التي لم تعتقل ؟ - كان الحديث لمناسبة تقدم شاب لخطبتي فطالبتني بأن أقبله دون تردد , وأما عن إخواتي فقد قالت إنه ليس من حق أحد أن يضحي بحياة آخر في هذه الدنيا قصيرة الأجل ! فهز الكهل رأسه في حيرة صامتاً فقالت : - ولكني أرفض التضحية بأخواتي ! - يا لكِ من فتاة نبيلة ! - ولكن من حقي أن أحب الحياة , وأن أستمتع بهذا الحب . - إذاً فقدنا الكرامة فأنه لا يطيب لنا شيء . - من الذي خلق الكرامة ؟ - خلقتها السماء كما خلقتها الأرض . - ألم تسمع عما يقال عن الفتاة الأوروبية ؟ - إنها تنتمي إلى حياة أخرى في أوروبا ولست أملك المعرفة الكافية للحكم عليها . - ولكنها أثبتت لنا أنه من الممكن ألاستهانة بالتقاليد الموروثة دون التضحية بقيم إنسانية باهرة ! - قلت اني لا أملك الحكم عليها . - هل تهرب من مواجهة الحقيقة ؟ - بل أتكلم بما أعلم ... - أخشى أن تعدني مسؤولية ثقيلة اعترضت طريقك الهادىء ؟ - بل أود مساعدتك بكل قلبي . فقالت برجاء : إذن قدم لي نصيحة مبتكرة. - مبتكرة ! - أجل , لم أعد اؤمن بالماضي لقد ورثت تعاستي عن الماضي , لذلك اكره كل ما يمت إليه بصلة , هبني نصيحة مبتكرة ولو هزئت في النهاية بما سميته بالكرامة! - ولكني صارحتك بما أؤمن به . - إنك رجل غير عادي , لا بد أن تنبع منك أفكار مبتكرة , أفكار لا تستمد سدادها من قول سلف أو من عادة أثرت. - من حقي , ومن واجبي , أن أكون مخلصاً لطبعي أبداً . فقالت وهي تنظر في عينيه بجرأة : - أحياناً يخيل إلى أن شراً عصرياً أفضل من خير بال ! - أي ثورة تنطوي عليها جوانحك الرقيقة الجميلة ! - الحياة توشك أن تفلت من بين أصابعي تحت شعارات مهترئة ترددها ألسنة محتضرة. - هذه انعكاسات أزمة كفرت بحكمة الصبر . - صدقني فان حياتنا وقف قديم متهدم تتحكم فيه وصايا الأموات . - كل ذلك لأنك تودين أن ترقصي وتغني وتمرحي ؟ - لأني أود أن أعيش حياتي . - وربما تودين غداً أن تقتلي الأنفس وتشعلي الحرائق وتهدمي الجدران ؟ فضحكت قائلة في حبور : أود حقاً أن اقتل زوج أمي , وأن احرق من يتطاول على رمي بالسقوط , وأن أهدم جدران الإدارة! ابتسم الكهل وهو يرمقها بحنان أبوي وقال : لعله الحب ؟ - هه - لعله حب يائس الذي أضرم فيك نار الثورة ! - لا يوجد حب معين الآن , أحببت مرات وخاب الحب مرات , أما الآن فأنا أحب الحب وحده! - لا شك أن للحب عندك قصة ! هزت منكبيها في استهانة وقالت : - أنت تعرف حب المراهقة ومصيره المحتوم . ذاك واحد , وحلمت يوماً بحب ممثل , وكان كلما تقدم لي خاطب , أبدى قلبي استعداداً طيباً للحب لا يلبث أن يذهب بذهابه. - لا قصة حب الآن ؟ - اكبر قصة حب , حب الحب نفسه ! وتبادلا نظرة طويلة ثم سألته : يم تنصحني يا سيدي النبيل ؟ فقال باسماً : ا نصحك بالرقص والغناء والمرح والقتل والتحريق والهدم . - أتسخر مني يا سيدي ؟ - معاذ الله , بل إنك تغرينني بالتعليق بك ! - حقاً ؟ - ما اكثر أوجه الشبه بيننا ! - فيم ؟ - في التعاسة على الأقل ! فقالت باستطلاع : لقد سمعت عنك الكثير ... فلاحت في عينيه نظرة حالمة وقال : - كنت يوماً ذا شباب يافع ومستقبل مرموق . ثم وهو يبتسم : وذات يوم قررت الانضمام إلى الجموع الثائرة. وسكت لحظة ثم تمتم : - ولم أكتف بذلك فجازفت بالعمل في السراديب . ثم واصل وهو يضحك ضحكة موجزة : - ثم قضيت من حياتي خمسة وعشرين عاماً في السجن . - أول ما لفتني اليك حديث بعض الزملاء في المصلحة عندما أشاروا اليك وقالوا هذا الرجل بطل من أبطالنا القدامى ! - وقد خرج البطل من السجن بعد أن جاوز الخمسين , وبعطف من البعض ألحقت بالوظيفة , بمرتب مبتدىء , وعما قليل سأترك الخدمة دون أن أستحق معاشاً , وقد فاتني الحب والزواج والأسرة, وإن امتد بي العمر فلا مفر من التشرد والجوع .... - يا لبطولة ! - لذلك قلت إن بيننا أوجه شبه .. - ولكنك بطل ! - لا يذكرني اليوم أحد ! ترامت اليهما في الكشك ضحكات هامسة وهي تقترب . مرق إلى الداخل فتاة وشاب سرعان ما تبادلا عناقاً حاراً . أسلمت الفتاة رأسها إلى كتف الشاب وأغمضت عينيها . قلبت رأسها , ولما فتحت عينيها وقع بصرها على الكهل والفتاة السمراء ذات العينين الخضراوين . ابتسمت بلا ارتباك يذكر ثم سحبت فتاها من يده وغادرا الكشك . ضحكت السمراء وابتسم الكهل . وسألته : - لم اخترت هذه الحديقة مكاناً للقائنا؟ - كنت أتردد عليها في الزمان الأول . - لا علم لك بما يدور فيها اليوم؟ - كلا . كنا نتخذها أحياناً مخباً ننقض منه على أعدائنا. فقامت برشاقة آخذة إياه من ذراعه , فمضت به إلى جدار الكشك . مدت بصرها من الثغرات بين أوراق الياسمين داعية إياه إلى النظر . نظرا معاً وهما شبه متلاصقين حتى فغر الكهل فاه . وهمست في إذنه : - أنظر إلى الحديقة ! ثم وهي تكتم ضحكة : كم أنها مرصعة بالعشاق! - فوق ما تصور العقل . - العقل يستطيع أن يتصور كل شيء لو تخلت عنه القبضة الخانقة. فقال في انفعال ظاهر : أنظري إلى هذه الفاجرة ! - يا لها من سكرى بالحب ! - أهذه حديقة عامة؟ - لا عيب فيها إلاأنها تشبهه الجنة . - إنها في عمر الورد ! - الحديقة؟ - الفاجرة ! - يخيل إلي أنه لا زوج أم يرهبها ولا سجن يهددها ! رجع الرجل إلى مجلسه وهو يلهث . تراجعت الفتاة إلى وسط الكشك . وقفت كأنما تستعرض جسمها الرشيق . دارت حول نفسها مرتين كأنما تشرع في الرقص . سألها وهو لا يتمالك نفسه : لم وقع اختيارك علي بالذات ؟ - لأنك الرجل الذي قضى زهرة عمره في السجن . - كيف ظننت أنك واجدة رأياً جنونياً عند رجل مثلي ؟؟ تخيلت أنه لن ينتشلني من الموت إلا رجل كان الموت لعبته ! - يا له من مزاح ! - قلت لنفسي سأجد عنده رأياً جديراً ببطل ! فتردد قليلاً ثم سألها : ألم تخشي أن أغازلكِ ؟ - ليس ثمة ما أخشاه في ذلك ! هز الكهل رأسه مغلوباً على أمره فعادت إلى مجلسها على جانبه وهي تسأله : أليس في حياتك جانب لهو ؟ فأجاب دون اكتراث : - أقرأ بانتظام , وأذهب إلى السينما بين حين وآخر. - تعيش وحدك ؟ - نعم , لا أقارب لي في القاهرة . - ولا أصدقاء لك ؟ - منهم من قتل في الثورة ومنهم من تبوأ يوماً الوزارة فبعد ما بيني وبينه . - والنساء , أليس في حياتك نساء ؟ - ولّى موسمهن في عمري . ففكرت قليلاً وقالت : أود أن أعترف لك بسر ! في تلك اللحظة ترامى إلى سمعيهما صوت رصاص ينطلق بقوة وغزارة بهت الرجل وارتجفت الفتاة . وتساءلت : ما هذا ؟ - رصاص من بندقية سريعة الطلقات ... - - كيف ؟ ...لِمَ ؟ - لا أدري . - غارة ؟ - ولكن صفارة الإنذار لم تنطلق , لعله تمرين . وسكت الضرب لبثا يرهفان السمع ولم يزايلهما القلق . تساءلت : - هل يعود ؟ - لا علم لي . - هل تستأنف الحرب ؟ - من يدري ! - الكلام عن ذلك لا ينقطع . - وهو ينتهي حيث يبدأ . - أتفكر في ذلك كثيراً؟ - إنه ظلنا ومصيرنا. يتبع ...... المصدر: منتدى دمعـــة ولـــه - من قسم: القصص والروايات - Stories and Novels Section v]: ukfv g,g, gcgc ukfv |
|
![]() |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|