صيف كام سعودي كام شات غرور كام شات غزل كام شات الوله شات حبي شات صوتي
منتدى دمعـــة ولـــه - عرض مشاركة واحدة - علاج القلوب
الموضوع: علاج القلوب
عرض مشاركة واحدة
قديم 05-29-2006, 10:57 AM   #2


الصورة الرمزية العراقي
العراقي غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 112
 تاريخ التسجيل :  Mar 2006
 أخر زيارة : 07-22-2009 (01:44 AM)
 المشاركات : 1,186 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي



ضرر ترك المحاسبة :

وأَضَرُّ مَا عليهِ الإِهمالُ ، وتركُ المُحاسبَةِ والاسترسالُ ، وتسهيلُ الأمورِ وتمشِيَتُها ، فإِنَّ هذا يَؤولُ بِهِ إلى الهلاكِ ، وهذهِ حالُ أهلِ الغُرورِ ؛ يُغْمِضُ عيْنَيْهِ عنِ العواقِبِ ، ويُمَشِّي الحال ، ويَتَّكِلُ على العَفْوِ ؛ فيُهْمِلُ مُحاسَبَةَ نفسِهِ والنَّظَرَ في العاقبةِ ، وإذا فَعَلَ ذلك سَهُلَ عليهِ مواقَعَةُ الذُّنوبِ ، وأَنِسَ بها، وعَسُرَ عليه فِطَامُها، ولو حَضَرَهُ رُشْدُهُ لَعَلِمَ أَنَّ الحِمْيَةَ أَسْهَلُ مِن الفِطامِ ، وتركِ المألوفِ والمُعتادِ .

وجِماعُ ذلك : أَنْ يُحاسِبَ نفسَهُ أوَّلاً على الفرائِضِ ، فإنْ تَذَكَّرَ فيها نَقْصاً تَدارَكَهُ ، إمَّا بقضاءٍ أو إصلاحٍ .

ثمَّ يُحاسِبُها على المناهي ، فإنْ عَرَفَ أَنَّهُ ارتَكَبَ منها شيئاً تدارَكَهُ بالتَّوبةِ والاستغفارِ والحسناتِ الماحِيَةِ.



ثمَّ يحاسِبُ نفسَهُ على الغَفْلَةِ ، فإنْ كان قد غَفِلَ عمَّا خُلِقَ لَهُ ؛ تدارَكَهُ بالذِّكْرِ والإقبالِ على الله تعالى .

ثمَّ يُحَاسِبُها بما تكلَّمَ بهِ ، أو مَشَتْ إليهِ رجلاهُ ، أو بَطَشَتْ يداهُ ، أو سمعَتْهُ أُذناهُ : ماذا أرادَتْ بهذا ؟ ولمَنْ فَعَلَتْهُ ؟ وعلى أيِّ وجهٍ فَعَلَتْهُ ؟ ويعلم أنه لا بد أن ينشر لكل حركة وكلمة منه ديوانان : لم ؟ وكيف ؟ أي : لمَ فعلتَ ؟ وكيفَ فَعلتَ ؟ فالأوَّلُ : سؤالٌ عن علَّة الفعلِ ، وباعثِهِ ، وداعيهِ : هل هو حظُّ عاجلٌ مِن حُظوظِ العاملِ ، وغرضٌ مِن أغراضِ الدُّنيا في محبَّةِ المدحِ مِن الناس ، أو خوفِ ذمِّهم ، أو استجلابِ محبوبٍ عاجلٍ ، أو دفعِ مكروهٍ عاجلٍ ؟ أم الباعثُ على الفعلِ القيامُ بحقِّ العبوديَّةِ ، وطلبُ التودُّدِ والتقرُّبِ إلى الرَّبِّ سبحانه وتعالى ، وابتغاءُ الوسيلةِ إليهِ ؟

ومحلُّ هذا السؤالِ أنَّهُ : هل كان عليكَ أَنْ تفعَلَ هذا الفعلَ لمولاكَ ، أم فعَلْتَهُ لحظِّكَ وهواكَ؟

والثاني : سؤالٌ عن متابعةِ الرَّسولِ عليهِ الصلاةُ والسلامُ في ذلك التعبُّدِ ؛ أي : هل كان ذلك العمل ممّا شَرَعْتُهُ لك على لسانِ رسولي ؟ أم كانَ عملاً لم أشْرَعْهُ ولم أَرْضَهُ ؟

فالأوَّلُ: سؤالٌ عن الإخلاصِ ، والثاني : عن المُتابَعَةِ ؛ فإِنَّ اللهَ لا يقبلُ عملاً إلاَّ بِهِما.

فطريقُ التخلُّصِ مِن السؤالِ الأوَّلِ بتجريدِ الإخلاصِ .

وطريقُ التخلُّصِ مِن السؤالِ الثَّاني بتحقيقِ المُتابعةِ ، وسلامةِ القلبِ مِن إرادَةٍ تُعارِضُ الإخلاصَ ، وهوىً يُعارِضُ الاتِّباعَ . وقال تعالى : (فَوَرَبكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ) [ الحجر : 92 - 93 ] .

وقال تعالى : (لِيَسْأَلَ الصَّادِقِينَ عَنْ صِدْقِهِمْ) [الأحزاب : 8 ].

فإذا سُئِلَ الصَّادقون وحُوسِبُوا على صِدْقِهِمْ فما الظَّنُ بالكاذِبِينَ ؟

وقال تعالى : (ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنْ النَّعِيمِ) [ التكاثر : 8 ].

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : » إن أول ما يسأل عنه يوم القيامة ـ يعني العبد ـ من النعيم أن يقال له : ألم نُصحّ لك جسمك ، ونرويك من الماء البارد «40 .

والنعيم المسؤول عنه نوعان : نوع أخذ من حله وصرف في حقه ، فيسأل عن شكره . ونوع أخذ بغير حقه وصرف في غير حقه ، فيسأل عن مستخرجه ومصرفه.

عن أبي برزة الأسلمي رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" لا تزولُ قدما عبدٍ حتَّى يسألَ عن عُمْرِهِ فيما أفناهُ ، وعنْ علمهِ فيما فعل ، وعن مالهِ منْ أينَ اكتسبهُ وفيما أنفقه،وعنْ جسمهِ فيما أبْلاهُ " 41 .

فإذا كانَ العبدُ مسؤولاً ومُحاسَباً على كلِّ شيءٍ ، حتى عَلى سَمْعِهِ وبَصَرِهِ وقَلْبِهِ ، كما قال تعالى : (إنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولا)[ الإسراء : 36 ] ؛ فهُو حقيقٌ أنْ يُحاسِبَ نفسَهُ قبلَ أنْ يُنَاقَشَ الحسابَ 42 .

وقد دلَّ على وُجوبِ محاسبة النَّفسِ قولُه تعالى: (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ)[ الحشر : 18 ] . فأمر سبحانه وتعالى العبدَ أنْ ينظر ما قدَّمَ لِغد ، وذلك يتضمَّن محاسبة نفسه على ذلك ، والنظر : هل يصلُح ما قدّمه أن يلقى الله به أو لا يصلح ؟ .

والمقصودُ مِن هذا النظرِ : ما يُوجبه ويقتضيه ، من كمال الاستعداد ليوم المعاد ، وتقديم ما يُنجيه من عذاب الله ، ويُبيض وجهه عند الله .

وكلّ ذلكَ إنّما يمكنُ بصبرِ ساعةٍ واحدةٍ . فانّ الساعاتِ ثلاث 43 : ساعةٌ مضتْ لا تعب فيها على العبد كيفما انقضت في مشقة أو رفاهية . وساعة مستقبلة لم تأت بعد لا يدري العبد أيعيش إليها أم لا ولا يدري ما يقضي الله فيها ؟ وساعة راهنة ينبغي أن يجاهد فيها نفسه ويراقب فيها ربه .

فإن لم تأته الساعة الثانية لم يتحسر على فوات هذه الساعة ، وإن أتته الساعة الثانية استوفى حقه منها كما استوفى من الأولى . ولا يطول أمله فيطول عليه العزم على المراقبة فيها ؛ بل يكون ابن وقته كأنه في آخر أنفاسه فلعله آخر أنفاسه وهو لا يدري . وإذا أمكن أن يكون آخر أنفاسه فينبغي أن يكون على وجه لا يكره أن يدركه الموت وهو على تلك الحال .

إنَّ دواء محاسبة النفسِ نحن أحوج ما نكون إليه اليوم بعد تهالك الناس على الدنيا ، وسيرهم وراء الشهوات ، وتنافسهم في الفانياتِ ، وزهدهم في الباقيات الصالحات .

وهذا الدواء له فوائد جليلة ، وآثارٌ على مستعمله عظيمة :

مِنْهَا: الاطِّلاعُ عَلَى عُيوبِ النفس ونقائصها ، فيمكِنُهُ السَّعي في إصلاحها ، ومَن لَمْ يطَّلعْ عَلَى عَيْبِ نفسِهِ، لَمْ يُمْكِنْهُ إِزالَتُه، فَإِذَا اطَّلَعَ عَلَى عَيْبِها؛ مَقَتَها فِي ذاتِ اللهِ تَعَالَى.

وقالَ أَبو حفصٍ: "مَنْ لَمْ يَتَّهِمْ نَفْسَهُ عَلَى دَوامِ الأوقاتِ، ولم يُخالِفْها فِي جميعِ الأحوالِ، ولم يَجُرَّها إِلَى مكروهِها فِي سائِر أَوقاتِه؛ كَانَ مغروراً، ومَن نَظَرَ إِلَيْهَا باستحسانِ شيءٍ مِنْهَا؛ فَقَدْ أَهْلَكَها".

فالنَّفْسُ داعيةٌ إِلَى المَهالِكِ، مُعينَةٌ للأعداءِ، طامِحَةٌ إِلَى كلِّ قبيحٍ، مُتَّبِعَةٌ لكُلِّ سوءٍ، فَهِيَ تَجْرِي بطَبْعها فِي ميدانِ المُخالَفَةِ. ومن فوائد محاسبة النفس : أنها توجب للعبد الإمساك عن الخوض في عيوب الناس ، فإنَّ من شغل بعيب نفسه لمْ يبق لديه من الوقت ما ينفقه في الحديث عن عيوب الناس ، وطوبى لمن شغله عيبه عن عيوب الناس ، وويل لمن نسي عيبه ، وتفرَّغَ لعيوب الناس .

ومِنها: أَنَّهُ يعرِفُ بذلك حقَّ اللهِ تعالى؛ ويورِثُهُ مَقْتَ نفسِه، والإزراءَ عَلَيْهَا، ويُخلِّصُه مِن العُجْبِ ورُؤيَةِ العملِ، ويفتَحُ لَهُ بابَ الخضوعِ والذُّلِّ والانكسارِ بينَ يدي ربِّهِ، واليأْسِ مِن نفسِهِ، وأَنَّ النَّجاةَ لاَ تحصُلُ لَهُ إِلاَّ بعفوِ اللهِ، ومغفرَتِهِ ورحمتِه، فإِنَّ مِن حقِّهِ أَنْ يُطاعَ وَلاَ يُعْصَى، وأَنْ يُذْكَرَ فلا يُنْسَى، وَأَنْ يُشْكَرَ فلا يُكْفَرَ.

فَمَنْ نَظَرَ فِي هَذَا الحقِّ الَّذِي لربِّهِ عَلِمَ علمَ اليقينِ أَنَّهُ غيرُ مؤدٍّ لَهُ كَمَا ينبغي، وأَنَّهُ لاَ يسعهُ إِلاَّ العفوُ والمغفرةُ، وأَنَّهُ إِنْ أُحيلَ عَلَى عملِهِ هَلَكَ.

يتبع


 


رد مع اقتباس