صيف كام سعودي كام شات غرور كام شات غزل كام شات الوله شات حبي شات صوتي
منتدى دمعـــة ولـــه - عرض مشاركة واحدة - عنبر لولو
الموضوع: عنبر لولو
عرض مشاركة واحدة
قديم 01-18-2008, 11:53 PM   #2


الصورة الرمزية أحساس أنثى
أحساس أنثى غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 3837
 تاريخ التسجيل :  Dec 2007
 أخر زيارة : 05-10-2008 (07:37 AM)
 المشاركات : 3,123 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي رد: عنبر لولو



الجزء الثاني
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

- ألم يقع اختياركِ على أحدهم؟
- كلا , إنهم موظفون شبان في مستوى مادي لا يختلف عن مستواي, وقبول يد أحدهم يعني التخلي عن إخواتي, ودعنا من تكاليف الزواج ومشاكلها!
فقال الكهل باصرار:عسى أن يجيء عريس غني يقوم بكافة التكاليف ويسمح بالنزول عن مرتبك لإخواتك!
- هذا حلم وليس عريساً!
- الأحلام توجد كما توجد الحقائق.
- أرفض أن أقيم ميزان حياتي على الأحلام, إني أعيش في جفاف قاتل وبلا أمل , ونفسي تتحرق إلى الحياة والسعادة, وفي كلمة أود من أعماقي أن ارقص وأغني وأمرح.
رجع الكهل إلى حيرته وصمته فقالت بوضوح:
- هذه هي مشكلتي الحقيقة!
ولما وجدته مصراً على الصمت عادت تقول:
- يسعدني أني وجدت اخيراً الشجاعة لمصارحتك بها!
فجعل يغمغم بكلمات مبهمة فقالت باسمة:
- وطبيعي أن أنتظر منك شيئاً غير الصمت؟
فجمع عزمه وقال: إني بطبعي وتاريخي أرفض التسليم بوجود طرق مسدودة!
- ولكن طريقي مسدودة.
- ماتزال.
- أرجو أن تعتبره كذلك إكراماً لي, أنا لم ألجأ اليك إلا مطاردة بسياط الجزع,
وبعد كفر بالأحلام والخوارق!
فقال بوضوح : لا أرى عندي دون مراعاة كاملة للكرامة!
- الكرامة؟
- أعني السلوك الخليق بفتاة محترمة.
فقالت بتحد : لقد جئتك وأنا على علم غزير بالنصائح التقليدية!
- طيب, هل تتوقعين لدي رأياً آخر ؟ - نعم!
- أن اسوغ لك السقوط؟ - نعم !
فتساءل الكهل بذهول :
- ألم تجيئيني مدفوعة بما ذكرت عن تاريخي وحسن سمعتي ؟
- بلى! – وتصورت بعد ذلك أن ابارك سقوطك؟
- نعم ! فضحك الكهل على رغمه وقال: الحق اني لا افهمك .
- ولكنني واضحة كضوء الشمس !
- الرقص والغناء والمرح ؟
- نعم ! خبرني عما تتوقعين مني ؟
- ان تصرح لي بأن النهل من متعة الحياة ليس سقوطاً !
- ولكنه ينقلب كذلك اردنا أم لم نرد !
- وإذن فما علي إلا ان اصبر حتى أذوي واذبل واموت ؟
- بل حتى تفرج .
- كلام لن يكلفك شيئاً ولكنه سيكلفني حياتي .
فقال متحايلاً للهروب من حدة الموقف :
- حدثيني عن رأي صديقتك الأخرى , أعني التي لم تعتقل ؟
- كان الحديث لمناسبة تقدم شاب لخطبتي فطالبتني بأن أقبله دون تردد ,
وأما عن إخواتي فقد قالت إنه ليس من حق أحد أن يضحي بحياة آخر في هذه الدنيا قصيرة الأجل !
فهز الكهل رأسه في حيرة صامتاً فقالت :
- ولكني أرفض التضحية بأخواتي !
- يا لكِ من فتاة نبيلة !
- ولكن من حقي أن أحب الحياة , وأن أستمتع بهذا الحب .
- إذاً فقدنا الكرامة فأنه لا يطيب لنا شيء .
- من الذي خلق الكرامة ؟
- خلقتها السماء كما خلقتها الأرض .
- ألم تسمع عما يقال عن الفتاة الأوروبية ؟
- إنها تنتمي إلى حياة أخرى في أوروبا ولست أملك المعرفة الكافية للحكم عليها .
- ولكنها أثبتت لنا أنه من الممكن ألاستهانة بالتقاليد الموروثة دون التضحية بقيم إنسانية باهرة !
- قلت اني لا أملك الحكم عليها .
- هل تهرب من مواجهة الحقيقة ؟ - بل أتكلم بما أعلم ...
- أخشى أن تعدني مسؤولية ثقيلة اعترضت طريقك الهادىء ؟
- بل أود مساعدتك بكل قلبي .
فقالت برجاء : إذن قدم لي نصيحة مبتكرة.
- مبتكرة !
- أجل , لم أعد اؤمن بالماضي لقد ورثت تعاستي عن الماضي , لذلك اكره
كل ما يمت إليه بصلة , هبني نصيحة مبتكرة ولو هزئت في النهاية بما سميته بالكرامة!
- ولكني صارحتك بما أؤمن به .
- إنك رجل غير عادي , لا بد أن تنبع منك أفكار مبتكرة , أفكار لا تستمد سدادها من قول سلف أو من عادة أثرت.
- من حقي , ومن واجبي , أن أكون مخلصاً لطبعي أبداً .
فقالت وهي تنظر في عينيه بجرأة :
- أحياناً يخيل إلى أن شراً عصرياً أفضل من خير بال !
- أي ثورة تنطوي عليها جوانحك الرقيقة الجميلة !
- الحياة توشك أن تفلت من بين أصابعي تحت شعارات مهترئة ترددها ألسنة محتضرة.
- هذه انعكاسات أزمة كفرت بحكمة الصبر .
- صدقني فان حياتنا وقف قديم متهدم تتحكم فيه وصايا الأموات .
- كل ذلك لأنك تودين أن ترقصي وتغني وتمرحي ؟
- لأني أود أن أعيش حياتي .
- وربما تودين غداً أن تقتلي الأنفس وتشعلي الحرائق وتهدمي الجدران ؟
فضحكت قائلة في حبور : أود حقاً أن اقتل زوج أمي , وأن احرق من يتطاول على رمي بالسقوط , وأن أهدم جدران الإدارة!
ابتسم الكهل وهو يرمقها بحنان أبوي وقال : لعله الحب ؟
- هه - لعله حب يائس الذي أضرم فيك نار الثورة !
- لا يوجد حب معين الآن , أحببت مرات وخاب الحب مرات , أما الآن فأنا أحب الحب وحده!
- لا شك أن للحب عندك قصة !
هزت منكبيها في استهانة وقالت :
- أنت تعرف حب المراهقة ومصيره المحتوم . ذاك واحد , وحلمت يوماً بحب ممثل ,
وكان كلما تقدم لي خاطب , أبدى قلبي استعداداً طيباً للحب لا يلبث أن يذهب بذهابه.
- لا قصة حب الآن ؟
- اكبر قصة حب , حب الحب نفسه !
وتبادلا نظرة طويلة ثم سألته : يم تنصحني يا سيدي النبيل ؟
فقال باسماً : ا نصحك بالرقص والغناء والمرح والقتل والتحريق والهدم .
- أتسخر مني يا سيدي ؟
- معاذ الله , بل إنك تغرينني بالتعليق بك !
- حقاً ؟ - ما اكثر أوجه الشبه بيننا !
- فيم ؟ - في التعاسة على الأقل !
فقالت باستطلاع : لقد سمعت عنك الكثير ...
فلاحت في عينيه نظرة حالمة وقال :
- كنت يوماً ذا شباب يافع ومستقبل مرموق .
ثم وهو يبتسم : وذات يوم قررت الانضمام إلى الجموع الثائرة.
وسكت لحظة ثم تمتم :
- ولم أكتف بذلك فجازفت بالعمل في السراديب .
ثم واصل وهو يضحك ضحكة موجزة :
- ثم قضيت من حياتي خمسة وعشرين عاماً في السجن .
- أول ما لفتني اليك حديث بعض الزملاء في المصلحة عندما أشاروا اليك
وقالوا هذا الرجل بطل من أبطالنا القدامى !
- وقد خرج البطل من السجن بعد أن جاوز الخمسين , وبعطف من البعض ألحقت بالوظيفة ,
بمرتب مبتدىء , وعما قليل سأترك الخدمة دون أن أستحق معاشاً , وقد فاتني الحب والزواج والأسرة, وإن امتد بي العمر فلا مفر من التشرد والجوع ....
- يا لبطولة !
- لذلك قلت إن بيننا أوجه شبه ..
- ولكنك بطل !
- لا يذكرني اليوم أحد !
ترامت اليهما في الكشك ضحكات هامسة وهي تقترب . مرق إلى الداخل فتاة وشاب
سرعان ما تبادلا عناقاً حاراً . أسلمت الفتاة رأسها إلى كتف الشاب وأغمضت عينيها .
قلبت رأسها , ولما فتحت عينيها وقع بصرها على الكهل والفتاة السمراء ذات العينين الخضراوين . ابتسمت بلا ارتباك يذكر ثم سحبت فتاها من يده وغادرا الكشك .
ضحكت السمراء وابتسم الكهل . وسألته :
- لم اخترت هذه الحديقة مكاناً للقائنا؟
- كنت أتردد عليها في الزمان الأول .
- لا علم لك بما يدور فيها اليوم؟
- كلا . كنا نتخذها أحياناً مخباً ننقض منه على أعدائنا.
فقامت برشاقة آخذة إياه من ذراعه , فمضت به إلى جدار الكشك .
مدت بصرها من الثغرات بين أوراق الياسمين داعية إياه إلى النظر .
نظرا معاً وهما شبه متلاصقين حتى فغر الكهل فاه . وهمست في إذنه :
- أنظر إلى الحديقة !
ثم وهي تكتم ضحكة : كم أنها مرصعة بالعشاق!
- فوق ما تصور العقل .
- العقل يستطيع أن يتصور كل شيء لو تخلت عنه القبضة الخانقة.
فقال في انفعال ظاهر : أنظري إلى هذه الفاجرة !
- يا لها من سكرى بالحب !
- أهذه حديقة عامة؟
- لا عيب فيها إلاأنها تشبهه الجنة .
- إنها في عمر الورد !
- الحديقة؟ - الفاجرة !
- يخيل إلي أنه لا زوج أم يرهبها ولا سجن يهددها !
رجع الرجل إلى مجلسه وهو يلهث . تراجعت الفتاة إلى وسط الكشك . وقفت كأنما تستعرض جسمها الرشيق .
دارت حول نفسها مرتين كأنما تشرع في الرقص . سألها وهو لا يتمالك نفسه : لم وقع اختيارك علي بالذات ؟
- لأنك الرجل الذي قضى زهرة عمره في السجن .
- كيف ظننت أنك واجدة رأياً جنونياً عند رجل مثلي ؟؟
تخيلت أنه لن ينتشلني من الموت إلا رجل كان الموت لعبته !
- يا له من مزاح !
- قلت لنفسي سأجد عنده رأياً جديراً ببطل !
فتردد قليلاً ثم سألها : ألم تخشي أن أغازلكِ ؟
- ليس ثمة ما أخشاه في ذلك !
هز الكهل رأسه مغلوباً على أمره فعادت إلى مجلسها على جانبه وهي تسأله :
أليس في حياتك جانب لهو ؟
فأجاب دون اكتراث :
- أقرأ بانتظام , وأذهب إلى السينما بين حين وآخر.
- تعيش وحدك ؟
- نعم , لا أقارب لي في القاهرة .
- ولا أصدقاء لك ؟
- منهم من قتل في الثورة ومنهم من تبوأ يوماً الوزارة فبعد ما بيني وبينه .
- والنساء , أليس في حياتك نساء ؟
- ولّى موسمهن في عمري .
ففكرت قليلاً وقالت : أود أن أعترف لك بسر !
في تلك اللحظة ترامى إلى سمعيهما صوت رصاص ينطلق بقوة وغزارة بهت الرجل وارتجفت الفتاة . وتساءلت : ما هذا ؟
- رصاص من بندقية سريعة الطلقات ...
- - كيف ؟ ...لِمَ ؟
- لا أدري .
- غارة ؟
- ولكن صفارة الإنذار لم تنطلق , لعله تمرين .
وسكت الضرب لبثا يرهفان السمع ولم يزايلهما القلق . تساءلت :
- هل يعود ؟
- لا علم لي .
- هل تستأنف الحرب ؟
- من يدري !
- الكلام عن ذلك لا ينقطع .
- وهو ينتهي حيث يبدأ .
- أتفكر في ذلك كثيراً؟
- إنه ظلنا ومصيرنا.
يتبع ......