توقفنا بالجزء الثاني عندما علم احمد بمرض نــــــــــــورة فقام واحتضنها وقال : مستحيل ان تموت نــــــــورة .

فقالت نـــــــــورة : ببراءتها المعهوده : أموت ! ماذا يعني أن أموت ؟

فتلثم الجميع من هذا السؤال .

فقال الطبيب : يعني سترحلين الى الله .

فقالت نـــــــــــورة : حقاً سأرحل الى الله ؟ وهل هو سيئ أن أرحل الى الله ؟ ألم تعلماني يا والدي أن الله أفضل من الوالدين والناس وكل الدنيا ؟ وهل رحيلي الى الله يجعلك تبكي يا ابي ويجعل امي يغمى عليها ؟

فوقع كلامها البريء الشفاف مثل صاعقة اخرى فنــــــــــورة ترى في الموت رحله شيقه ، فيها لقاء مع الحبيب .

قال الطبيب : عليك الان ان تبدئي العلاج .

فقالت : اذا كان لا بد لي من الموت فلماذا العلاج والدواء والمصاريف ؟

فقال الطبيب : نعم يا نـــــــــــــورة .... نحن الاصحاء سنموت ايضاً ، فهل يعني ذلك ان نمتنع عن الاكل والعلاج والسفر والنوم وبناء المستقبل ؟

فلو فعلنا ذلك لتهدمت الحياة ولم يبق على وجه الارض كائن حي .

تعلمين يا نـــــــــورة ان في جسد كل انسان اجهزه وآلات كثيرة هي كلها أمانات من الله ، اعطانا اياها لنعتني بها . فلو ان صديقتك اعطتك لعبه فهل ستقومين بتكسيرها ام ستعتنين بها ؟

نـــــــــــورة : بل سأعتني بها واحافظ عليها .

فقال الطبيب : وكذلك هو الحال لجهازك الهضمي والعصبي والقلب والمعده .... كلها اجهزه ينبغي عليك الاهتمام بها وصيانتها من التلف ، والادوية والمواد الكيميائية التي سنقوم باعطائك اياها انما هي لتخفيف آلام المرض وللمحافظة قد الامكان على اجهزتك الداخلية من التلف ، حتى اذا مالتقيت بربك وخالقك تقولين له لقد حافظت على الأمانات التي جعلتني مسؤوله عنها ، وها انا ذا اعيدها لك الا ما تلف من غير قصد مني .

فقالت نـــــــــورة : إذا كان الأمر كذلك فأن مستعدة لأخذ العلاج حتى لا اقف أمام الله كوقوفي أمام صديقتي إذا كسرت لعبتها وحاجياتها .

مرت السةة اشهر ثقيلة وحزينه بالنسبه لأسرة ستفقد ابنتها المدلله والمحبوبه ، وعكس ذلك كان بالنسبة لابنتي نــــــــــورة ، فكان كل يوم يمر يزيدها إشراقاً وجمالاً وقرباً من الله تعالى ، لقد قامت بحفظ سور من القرآن وعندما سألناها : لماذا تحفظين القرآن ؟

قالت : علمت أن الله يحب القرآن فأردت أن أقول له : يا رب حفظت بعض سور القرآن لأنك تحب من يحفظه .

كانت كثيرة الصلاة وقوفاً ، واحياناً كثيرة تصلي على سريرها ، فسألتها عن ذلك فقالت : سمعت أن رسول الله صلى الله علية وسلم يقول (( جعلت قرة عيني في الصلاة )) فأحببت أن تكون لي الصلاة قرة عين .

حان يوم رحيلها ، وأشرق بالأنوار وجهها وامتلأت شفتاها بابتسامه واسعه ، وأخذت تقرأ سورة ( يس ) التي حفظتها ، وكانت تجد مشقه في قراءتها إلى أن ختمت السورة ثم قرأت سورة الحمد وسورة الاخلاص ثم آية الكرسي ثم قالت : الحمد لله العظيم الذي علمني القرآن وحفظنيه ، وقوى جسمي للصلاة وساعدني وأنار حياتي بوالدين مؤمنين مسلمين صابرين ، الحمد لله حمداً كثيراً وأشكره بأنه لم يجعلني كافره او عاصية او تاركه للصلاة ثم قالت : تنح يا والدي قليلاً فإن سقف الحجرة قد انشق وأرى أناساً مبتسمين لابسين البياض وهم قادمون نحوي ويدعونني لكشاركتهم في التحليق معهم إلى الله تعالى .

وما لبثت أن أغمضت عينيها وهي مبتسمة ، ورحلت إلى الله رب العالمين ثم أجهش الأب بالبكاء وبكى بكاء مريراً جعل كل من في قاعة المقهى في الفندق يلتفتون إلى الزاوية التي نحن فيها .

فقلت له : هون عليك فهي في رحمة الله وكنفه ورعايته ، فليرحمها الله ويلهم قلوبكم الصبر على فراقها .

فقال : رحمة الله عليها فقد كانت ابنة باره مؤمنه قانته لم تترك صلاتها ولا قرآنها حتى آخر لحظات عمرها ، تغمدها الله بواسع رحمته وأسكنها فسيح جناته .


انتهت القصة ......


امل ان تكون قد نالت استحسانكم ......


وتقبلوا فائق تقديري واحترامي