منتدى دمعـــة ولـــه - ميكافيلية الزوجة الثانية

والظلم من شيم النفوس فإن تجد ***** ذا عفة فلعله لا يظلمُ

يقول الفرنسي لابواسييه : ( الاستبداد لا يعرف شرقاً أو غرباً ، بقدر ما يعرف شعوباً تتيح للمستبد أن يخرج فجور نفسه على الآخرين )

أعظم اللذائذ على الإطلاق ليس الطعام والشراب والنوم والراحة ؛ بل الحكم ، والحكم يحدث بأذرع من الطاعة !

الطغيان أمر جبلت عليه النفس ، وهو كامن وإن لم يظهر ، وكمونه يعود لأسباب منها التدين ومخافة العقاب الإلهي ، ومنها الخوف من الأخر ، أو مبادئ شخصية تحول دونه ظهوره ، لذا نلاحظ أن الضعيف الحقير أشد فتكاً وظلماً لغيره حين يتسلط عليهم .

هذه اللذة المخيفة ومتعتها هي بسبب أن الحكم يعني النفوذ والتمدد بلا نهاية،

وهو ما يفسر الصراع بين الضرائر ، فالصراع من أجل السيطرة والحكم ، يعني اللذائذ ..

.
.

لن نتحدث عن فلسفة الزوجة الأولى فكثيراً ما أسهبنا في تحليلها والتعايش مع مراحلها التي صاغتها الأحداث ، والأحداث التي تمر بأي زوجة أولى تحولها مع الوقت الى كائن أناني يحب نفسه ومن ثم تسعى الى استقرارها الذهني وراحتها النفسية أكثر من أي شيء ، بل لم يعد يعنيها كثيراً قوة الارتباط بالزوج والتعلق برقبته بقدر ما يعنيها ذاتها العليا بدرجة أولى ، ولا تنسى وهي في حالة الانسجام مع النفس أن تعطي بقية عناصر حياتها كالزوج من اهتمامها مثل ممارسة الحب والج....س ، والاشباع العاطفي والمادي والنفسي وكلها تنصب في غاية واحدة وهي متعتها الشخصية فقط والتأقلم مع الحياة ..

سوف نسلط الضوء على سلوك الزوجة الثانية -الطبيعية- ومشاعرها والدوافع التي تجعل منها كائن جميل محب وغيور/ ومتسلط ومغرور/ وراضي ورافض لواقعه / متأقلم وانصدامي ....وغيرها من الحالات التي تمر بها وتعصف بحياتها وتجعلها تعيش في فوضى خلاقة ، ذروة السعادة مع قمة الألم ..!!
.
.

من الأقول الشهيرة : الغرور يدمر النساء أكثر مما يدمرهن الحب....(مدام دوديفان).

والغرور على ضربين : غرور أفرزته الثقة الزائدة ،
الثاني : من اشتقاقاتها غرر به بمعنى أغرته الحياة بحلاوتها وزخرفها ..
وقد يحدث ان يجتمع المعنيان الاثنان في شخص واحد .

لا ألوم كثيراً الزوجة الثانية حين تصاب بالزهو والانتشاء بذاتها في أول حياتها ، فالزواج الثاني للرجل لا تستطيع عقلية المرأة استيعابه ومن ثم تفسيره ، الا بأنه تفضيل أخرى على تلك وازاحة تلك ووضع الأخرى مكانها ..بهذه الطريقة يتم استيعاب المرأة ..ولا تثريب عليها ، فالحياة دروس وعبر ، وحين تخوض غمار الحياة وتجرب الواقع وتعيش فيه ستفهم الحقيقة ، مثلها مثل البكر التي قرأت في الكتب عن ليلة الدخلة وشهر العسل والحياة الزوجية فتخيلت أحداثها وكأنها حلم أو شريط متسلسل من الصور الوردية الجميلة ، فلما جربتها في الواقع وجدت أن الكتب لا تغني عن الواقع والتجربة ، والتجربة خير برهان .

وبالطبع فهذا الشعور بالزهو والانتشاء ورطة كما هو في حالة الغرور ...لأنه يجعل المرء في حالة جوع مستمر للنفوذ والتمدد بلا نهاية .!

ثمة شعور يعتري الزوجة الثانية ويبدو أنه شعور مسيطر لا تكاد تتغلب عليه ، وهو الاقصائية للغير ، وعدم الرضى بوجود شريك ، حتى لو كان الشريك موجود قبلاً في الحياة ..بل وجد بدون اختياره .

هل يعود سبب الاقصائية الى عدم رضاها لمبدأ التعدد في التشريع الاسلامي ؟ أم هو عدم رضى بالمكتوب ؟ أو هو شعور منبعه النقطة الأولى التي أشرنا اليها في هذا الموضوع ، وهي حب الرياسة والحكم ، وجبلة النفس على الطغيان ؟!

من أهم الشعارات التي تتمسك بها الزوجة الثانية وتجعل منها انسانة مختلفة لها نزعة ميكافيلية والتي تدفعها الى صراع مستمر مع المجتمع ، ورغم كل المميزات التي تتمتع بها لكن تبقى تلك النزعة مسيطرة عليها لا تكاد تنفك عنها :

شعار التعصب (من ليس معنا فهو ضدنا)

التعصب للقضية أو للحزب أو للفئة تعمي بصر الفرد عن رؤية الحقيقة واستيعاب الفكرة وتصور المشهد .
كي تتمكن من مشاهدة المشهد الذي حولك يلزمك أن ترفع عنه ستار التعصب والتحزب والعاطفة ، فتعصبك وتحزبك وعاطفتك تفقدك الرؤية الصحيحة لمشاهدة المشهد على حقيقته ، وهذا ما نحنُ بصدده ، فما أراه من قراءتي لأحداث وقصص وشواهد عينية للزوجة الثانية يسيطر عليها التفكير العاطفي فتتشدد لحزبها وتتعصب لموقفها وتمارس دور المدافع والمنافح لقضيتها حتى لو لم يلزم الحال ، مما يؤدي بها الى اضعاف موقفها فضلاً عن خسارتها لمن حولها ، وتهربها من الحياة الإجتماعية التي تلزمها الانخراط والتأقلم والشعور بأنها فرد ينتمي الى مجتمعها لتعيش في سلام نفسي واجتماعي .

إذن أول شرط للدخول إلى عالم الحياة الاجتماعية هو نبذ التعصب والتحزب وإقصاء العاطفة ولو بشكل مؤقت ، عندها تستطيع الزوجة أن ترى فتفكر فيما تراه ، حتى لو لم يكن لديها أدنى إرث معرفي شرط أن يكون لديها فطرة الفهم ومن ثم تستطيع تحليل الصورة ، ومن خلال هذا الفهم الفطري تميز بين الحق والظلم ، والخطأ والصواب ، وما يجب وما لا يجب .

فليس كل صيحة عليك أيتها الزوجة الفاضلة .!

.

الإسقاط :

وهي ظاهرة متفشية بشكل واسع ، ولا أستطيع فهم الدافع الذي يجعل الزوجة الثانية ترمي كل مشكلة تحصل لها على كاهل الزوجة الأولى ، فهي سبب الحروب والكوارث ، وهي منبع الشرور ، ووراء كل جريمة ، وهي الدمار الكامل الشامل الذي لا يبقي ولا يذر ..

وحتى لا نبعد النجعة ، فالقضية يمكن تفنيدها ببضع كلمات :

لو كان ما تقوليه صائبا ، واذا كان للزوجة الأولى مثل تلك السيطرة والنفوذ ، فلماذا لم تمنعه من الزواج عليها فتريح نفسها من عناء المكر وامؤامرات وال ........ وال ............وبقية الاتهامات المعلبة (الجاهزة) ؟؟
وأكثر القصص التي مرت بي ، زوجات ثانيات فاضلات على قدر من الاخلاق والتربية ، تعرضت حياتهن الزوجية للتصدع بسبب زوج مستهتر ليس على قدر المسؤولية (يحب يجرب ويظن أن بنات الناس لعبة) ، فلما مادت بها الأرض من تحت قدميها ، أسقطت كل الأحداث التي مرت بها على تدبير الزوجة الأولى وأنها وراء طلاقها وضياعها .....الخ ومن فحوى اتهامها نجد أنها تتكلم بدون دليل لمجرد سبب ظني ، وهو تحايل نفسي تقع فيه معظم النساء .

فتأملت في قولها وأردفت في نفسي : وهل الزوجة الأولى هي من سعت لتزويجك وأغرت زوجها وغررت بك ؟!
سبحان الله !!

وعليه فعقل الزوجة لن يتطور إلا في حالة فرز حقائق الأحداث مع نبذ التعصب والتحزب وتحييد العاطفة مع القدرة على الاستيعاب ومن ثم التحليل لتستطيع فهم الواقع .