حدث في ليلة الزفاف
 

تكن في هذه اللحظات بالذات تعتقد أن هناك من هي أجمل و أسعد منها على وجه الأرض...ثغرها المرتجف ...و عيناها الواسعتان تحتضنان أطراف الدنيا....تؤكد لكل من يراها أنها تعيش فرحها اليوم بكل جوارحها....فستانها الأبيض المزين باللآلئ و زهور الساتان المطرزة....لم يسحب البساط من تحت أقدامها و لم يخفي و لو قليلا" من اشراقة وجهها الصارخة...
كيف لا و هي الآن في ليلة عمرها ....تتحضر للقاء حبيب عمرها....جاءها منذ سنوات فارسا" ممتطيا" فرسها الاسطورية التي لطالما انتظرتها....ترى هل هي في حقيقة أم انه وهم كل ليلة....لا ...ليس وهما"...وقفت أمام المرآة تتأمل حلمها الذي تحول واقعا"....ابتسمت...احساس بالغفران الآني تسلل الى قلبها..غفران لكل شيء أزعجها يوما"...لقد عقدت صلحا" مع الدنيا بأسرها و فتحت قلبها لتعشق كل ما حولها..لا مكان الآن في هذا القلب المحب الا للحب...
نظرت الى الساعة المعلقة على الحائط....تنهدت...ثم جلست على حافة السرير...أصوات المدعوين و زغاريد الأهل تتناهى الى سمعها بوضوح...لكن ..تأخر حبيب العمر....مع التنهيدة الثانية .....تسلل شيء من الغضب الى داخلها.....ماذا الآن...مؤكد كعادته.....مواعيده الرهيبة....طبعا" كيف أنسى مقالبه....و استعادت بذاكرتها يوم تركها تنتظره أكثر من نصف ساعة تحت لهيب الشمس ....حيث تواعدا على الذهاب الى المسرح و جاء راكضا" ليتحجج بساعته المتأخرة......و الآن ...الا تكفيه ساعات العالم ليحفظ ماء وجهه و و جهها...أم أن في الأمر شيء آخر....نظرت مرة أخرى الى الساعة....كان عليه أن يحضر منذ ساعة على الأقل...و لماذا منذ ساعة بل كان عليه أن يتواجد منذ الصباح ليتأكد من أن كل شيء يسير على ما يرام...هذا هو مهمل دوما" لا مبال ...حتى في أهم ليلة في عمره...لا يتقن الا الكلام المعسول و التعبير عن الشوق....لكن حين يجد الجد...عليها ان تبعث اليه بفرق بحث لتهتدي الى مكانه.....خرقاء....هي من أعطته الضوء الأخضر على الدوام كي يتمادى بتسيبه....و الآن يقلل من احترامها أمام الجميع....تستحق.... تبا" له و لمن أحبه.....لكن ....هل يعقل أن !!؟؟ لا من غير المعقول أن يكون قد فر بجلده .....و لم لا ...و هل هو مجنون ليدخل القفص بقدميه...و هو من صدع رأسها خلال سنوات الغرام بأحاديث الحرية و المعتقلات و النضال و .....كرهه للسجن ...نعم السجن و القفص شيء واحد ..اذا" فقد هرب.....
ويلي ماذا أفعل.....لا يهمني هو الآن بقدر ما تهمني كرامتي..حتى أنه لا يستحق حبي ...هذا الأخرق الذي لم يعرف يوما" كيف يكون عمليا" في حبه كيف يعبر لي دو ن الاستعانة فقط بالاف كلمات الغزل و ماذا ينفعني غزله الآن....
دارت في أنحاء الغرفة تبحث عن شيء يفجر غضبها....أخذت ورقة بيضاء و جلست تسجل أحاسيسها ...باندفاعها و عشوائيتها .....".لقد قررت أن أعترف لك بشيء ‘ قبل أن أستمر في هذه التمثيلية السخيفة ...أنا لم أحبك يوما" ....لا أنكر أني تعلقت بك ...لكن من أنت لأحبك ....أنسيت عشرات الفروق ما بيننا ....حسنا" دعني أخبرك لمزيد من التوضيح ...أستاذ عبقري ..أنا.. "
فتح الباب فجأة و دون استئذان أو ربما لم تسمعه و هو يقرع...دخلت أمها...هل أنت جاهزة يا عروس....لقد وصل العريس....تشنج جسدها ..تيبست قدماها...حاولت الوقوف و لم تستطع...أحقا" و صل ياأمي....
نعم عزيزتي ....يبدو أن والدته قد أصيبت بوعكة طارئة و لم تتمكن من الحضور ....عافاها الله .....المهم قومي معي الآن سوف يأتي ليصطحبك.....وقفت بعناء.....كان قلبها يدق و يدق و كأنه على وشك الانفجار...دخل حبيب العمر...ركضت نحوه...ضمته اليها و كأنها لم تكن تصدق أنها ستراه مرة أخرى....تساءل عن سبب اندفاعها و هي المترفعة دوما" عن اظهار عاطفتها له....قالت له و هي تنتحب ..".لقد خشيت ان "...لا عليك ..لا بد أنك خشيت علي من مكروه أصابني ...أعرفك جيدا" متسرعة بتحليلاتك و توقعاتك ...اطمئني أنا بخير .انها والدتي تطلب منك العذر لعدم حضورها ...... ...أمسك بيدها .....أحس بها تتحاشى النظر في عينيه ....لكنه علق قائلا" ...حسنا" لم الخجل الآن .....هيا لقد أصبحت زوجتي و علينا أن نتوجه الى المدعوين..".لحظة واحدة" ..استدارت نحو نافذة الغرفة و القت ورقة اعترافاتها المجنونة من يدها قبل أن تستعيد كامل القها و تتأبط ذراع زوجها.

مشكورة الزعيمه
والله يستر على المسلمين





ابو حبيب.........