جسار
04-20-2009, 10:05 PM
بين السياسة والأدب !!
_____________
أيها الأعزاء :
يعتقد البعض .. خاصة أولئك الذين يشتغلون في حقل الأدب والثقافة بوجه عام .. بوجود جدار سميك بين الأدبي والسياسي ! .. وليس من النادر أن نسمع عبارة تقول : ما دمت تعمل في الثقافة 00 ابتعد عن السياسة !! 0
وهنا يمكن ملاحظة وجود خلط كبير بين السياسة كمفهوم يتعلق بتداول الأحداث اليومية .. وبين السياسة باعتبارها جزءاً هاماً ومكوناً أساسياً للثقافة ، بمعنى الأشمل لها 0
حيث نجد المركب الثقافي الذي يخترق الاجتماع البشري والسياسة ونمط الحياة ، والحساسية الجمعية والفردية التي تسود في هذه الحقبة أو تلك .. حسب تطور الحراك الاجتماعي في كل بلد ، أو لدى أية دولة أو امة أو شعب ، يوجد في علم الاجتماع ، مفهوم تم تكريسه تحت عنوان : ( الثقافة السياسية ) للدول أو المجتمعات 0
وأقرب معاني الثقافة السياسية ، هي رؤية الثوابت العامة ، التي تكون رؤية عامة .. يتم التعاطي عبرها ، بصدد ماهو عابر ويومي وما يتصل بالأحداث ! 0
والثقافة بهذا المعنى هي جزء هام من رؤية الذات الفردية والجمعية .. وهي عملية ذات طابع تراكمي .. لهذا نستطيع القول بوجود ثقافة سياسية فرنسية ، مثلاً ، تبلورت عبر العقود ، فيها ماهو ثابت ، وما هو متغير إزاء الكثير من القضايا ، لكنها تبقى ذات نكهة مميزة .. مقارنة بالثقافة السياسية الأمريكية ، أو بالثقافة الروسية 0
وبقدر ما يتصل برؤية الذات لدى الروسي مثلاً .. لاحظ ابن فضلان ، قبل أكثر من ألف ومئتين عام .. أن القبائل الروسية بالقدر الذي كانت تتناحر فيه ، كانت جميعها تبحث عن المجال الحيوي خارج روسيا !! 0
أما الثقافة السياسية الصينية ، فقد تميزت بالتقوقع من أجل حماية الذات .. وسور الصين العظيم ، خير دليل ، وقد امتدت رمزية هذا السور إلى طراز بناء المنازل في الصين ، حيث يوجد سور صغير يحيط بكل منزل ! .. وكأن ذلك رمز للحماية العائلية والفردية !! 0
وعلى أيام الدولة العربية في عصر الإسلام ، اتسمت الثقافة السياسية ، بميزتي الانفتاح والسعي نحو المجال الحيوي ، والتسامح في الوقت نفسه .. إضافة إلى تبجيل مكانة العقل والكلمة ، ولهذا نلاحظ اقتران السيف بالقلم !! في كثير من الإرث الشعري العربي القديم 0
لا نستطيع أن نجد رواية دون السياسة ، التي تتداخل في التلافيف ، وليس ذلك بمعنى رفع الشعارات الفارغة ، بل التعبير العميق عن السياسة وتأثيرها في حياة الأفراد والجماعات !! 0
وذلك ، ما يسري على الشعر والمسرح ، وإذا كان هناك من يريد افتعال الانفصال بين السياسة والأدب .. فإنه بكل تأكيد لن يجد موضوعاً تطبيقياً للأقناع بوجهة نظره 0
إذ كيف نستطيع مثلاً ، إخراج شعر المتنبي عن ظروف عصره السياسية والاجتماعية ؟! .. وهي ظروف تغلغلت في صلب قصائده ورؤيته الإبداعية ! .. هذا غير ممكن 0
فالسياسة تخترق الإبداع من جنباته كلها .. ولكن بمفهوم عميق .. وليس ذلك المفهوم السطحي ، الذي يجعل السياسة حدثاً عابراً ، وليس رؤية فكرية وثقافية أيضاً 0
_____________
أيها الأعزاء :
يعتقد البعض .. خاصة أولئك الذين يشتغلون في حقل الأدب والثقافة بوجه عام .. بوجود جدار سميك بين الأدبي والسياسي ! .. وليس من النادر أن نسمع عبارة تقول : ما دمت تعمل في الثقافة 00 ابتعد عن السياسة !! 0
وهنا يمكن ملاحظة وجود خلط كبير بين السياسة كمفهوم يتعلق بتداول الأحداث اليومية .. وبين السياسة باعتبارها جزءاً هاماً ومكوناً أساسياً للثقافة ، بمعنى الأشمل لها 0
حيث نجد المركب الثقافي الذي يخترق الاجتماع البشري والسياسة ونمط الحياة ، والحساسية الجمعية والفردية التي تسود في هذه الحقبة أو تلك .. حسب تطور الحراك الاجتماعي في كل بلد ، أو لدى أية دولة أو امة أو شعب ، يوجد في علم الاجتماع ، مفهوم تم تكريسه تحت عنوان : ( الثقافة السياسية ) للدول أو المجتمعات 0
وأقرب معاني الثقافة السياسية ، هي رؤية الثوابت العامة ، التي تكون رؤية عامة .. يتم التعاطي عبرها ، بصدد ماهو عابر ويومي وما يتصل بالأحداث ! 0
والثقافة بهذا المعنى هي جزء هام من رؤية الذات الفردية والجمعية .. وهي عملية ذات طابع تراكمي .. لهذا نستطيع القول بوجود ثقافة سياسية فرنسية ، مثلاً ، تبلورت عبر العقود ، فيها ماهو ثابت ، وما هو متغير إزاء الكثير من القضايا ، لكنها تبقى ذات نكهة مميزة .. مقارنة بالثقافة السياسية الأمريكية ، أو بالثقافة الروسية 0
وبقدر ما يتصل برؤية الذات لدى الروسي مثلاً .. لاحظ ابن فضلان ، قبل أكثر من ألف ومئتين عام .. أن القبائل الروسية بالقدر الذي كانت تتناحر فيه ، كانت جميعها تبحث عن المجال الحيوي خارج روسيا !! 0
أما الثقافة السياسية الصينية ، فقد تميزت بالتقوقع من أجل حماية الذات .. وسور الصين العظيم ، خير دليل ، وقد امتدت رمزية هذا السور إلى طراز بناء المنازل في الصين ، حيث يوجد سور صغير يحيط بكل منزل ! .. وكأن ذلك رمز للحماية العائلية والفردية !! 0
وعلى أيام الدولة العربية في عصر الإسلام ، اتسمت الثقافة السياسية ، بميزتي الانفتاح والسعي نحو المجال الحيوي ، والتسامح في الوقت نفسه .. إضافة إلى تبجيل مكانة العقل والكلمة ، ولهذا نلاحظ اقتران السيف بالقلم !! في كثير من الإرث الشعري العربي القديم 0
لا نستطيع أن نجد رواية دون السياسة ، التي تتداخل في التلافيف ، وليس ذلك بمعنى رفع الشعارات الفارغة ، بل التعبير العميق عن السياسة وتأثيرها في حياة الأفراد والجماعات !! 0
وذلك ، ما يسري على الشعر والمسرح ، وإذا كان هناك من يريد افتعال الانفصال بين السياسة والأدب .. فإنه بكل تأكيد لن يجد موضوعاً تطبيقياً للأقناع بوجهة نظره 0
إذ كيف نستطيع مثلاً ، إخراج شعر المتنبي عن ظروف عصره السياسية والاجتماعية ؟! .. وهي ظروف تغلغلت في صلب قصائده ورؤيته الإبداعية ! .. هذا غير ممكن 0
فالسياسة تخترق الإبداع من جنباته كلها .. ولكن بمفهوم عميق .. وليس ذلك المفهوم السطحي ، الذي يجعل السياسة حدثاً عابراً ، وليس رؤية فكرية وثقافية أيضاً 0